فتوى لاهاي.. ثماني سنوات بانتظار التنفيذ

آخر تحديث:  09 يوليو, 2012 02:03 م  قسم ملفات وتقارير

فتوى لاهاي.. ثماني سنوات بانتظار التنفيذ

صورة تعبيرية

البراق - وكالات

 

قبل ثمانية أعوام وتحديدا عام 2004م، اتخذت محكمة العدل الدولية، الذراع القضائي الأساسي لمنظمة الأمم المتحدة ومقرها لاهاي في هولندا، قرارا استشاريا، يقضي بإدانة وتجريم جدار الضم والتوسع العنصري الذي بدأت إسرائيل بنائه في الضفة المحتلة، في عهد حكومة أرئيل شارون في شهر يونيو حزيران عام 2002م، كذلك اعتبار الاستيطان الصهيوني بأشكاله كافة، غير شرعي، ومنافي للقانون والشرعية الدولية.

 

وتتذرع الحكومة الصهيونية  بأن بناء الجدار، الذي يبلغ طوله نحو 703 كم، ويتراوح ارتفاعه بين 4.5 و9 أمتار، في المناطق المأهولة بالسكان الفلسطينيين، ومحاط بسياج إلكتروني في المناطق غير المأهولة بالفلسطينيين، يأتي لحماية حياة المواطنين الصهيونيين  ولمنع دخول سكان الضفة المحتلة إلى إسرائيل أو المستوطنات الصهيونية القريبة من أراضي عام 1948، بينما هو في الحقيقة حول حياة الفلسطينيين إلى سجن كبير، وحد من حرية تنقلهم، بالإضافة إلى أنه خلف أثاراً سلبية عميقة أثرت على مختلف مناحي الحياة سواء العملية، والصحية، وقطاعي السياحة والمياه.

 

وبني الجزء الأكبر من جدار الفصل العنصري، في مناطق شمال الضفة المحتلة، إذ يطوق مدينة قلقيلية ومناطق شمال الضفة الأخرى، ويضم غالبية المستوطنات الصهيونية  الكبرى في المناطق المحتلة عام 1967.

 

وأقامت سلطات الاحتلال الصهيونية بوابات حديدية على مقاطع الجدار، وتمنع المواطنين الفلسطينيين من العبور إلا بـ'تصاريح مرور'، وغالبا ما ترفض إصدار مثل هذه التصاريح تحت حجج وذرائع واهية.

 

محكمة العدل الدولية أصدرت بعد ظهر يوم الجمعة 9/7/2004م، رأيها الاستشاري بشأن جدار الفصل العنصري في الضفة المحتلة، بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة حول شرعيـة قيـام إسرائيل ببناء الجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، الذي يفرض حقائق على الأرض ويلتهم أكثر من 40% من إجمالي مساحة الضفة المحتلة، ويعزل مدن وقرى ومخيمات الضفة ديمغرافيا وجغرافيا.

 

وأكدت المحكمة في رأيها الاستشاري آنذاك عدم شرعية بناء الجدار، وطالبت إسرائيل بالعمل على وقف بنائه، ودفع تعويضات للسكان الفلسطينيين المتضررين من آثاره، بما في ذلك سكان القدس الشرقية وما حولها.

 

ودعت المحكمة دول العالم إلى عدم تقديم المساعدة للحفاظ على الوضع الناجم عن الجدار، وحثت الدول الموقعة على اتفاقية جنيف دعوة إسرائيل للخضوع إلى القانون الدولي الإنساني، كما دعت إسرائيل إلى إلغاء القوانين والأوامر التي أصدرتها بخصوص الجدار وبإعادة أملاك الفلسطينيين التي استولت عليها.

 

ونال هذا القرار أصوات 150 دولة عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بمن فيهم جميع دول الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرين حينها، لصالح القرار، الذي تم تبنيه في وقت متأخر من مساء الثلاثاء 20 يوليو 2004.

وعارض القرار ستة دول، في مقدمتها الولايات المتحدة وأستراليا وإسرائيل، بينما امتنعت 10 دول عن التصويت، فيما رفضت المحكمة بإجماع قضاتها، الموقف الصهيوني والأميركي، القاضي بعدم اختصاصها القانوني بالبت في شرعية بناء الجدار بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

ويعتبر قرار الجمعية العامة، مثل قرار محكمة العدل الدولية، غير ملزم لإسرائيل، غير أن أهميته تكمن في كونه صدر عن أعلى هيئة قضائية دولية، كما له قيمة رمزية ومعنوية، قد تساعد الشعب الفلسطيني والأطراف المعارضة لبناء الجدار، على ممارسة المزيد من الضغط السياسي على إسرائيل لإزالته، كما تبرز أهمية الفتوى بأنها تلزم جميع الدول بعدم الاعتراف بشرعية جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل.

 

ولم تنجح المبررات التي قدمتها إسرائيل في ذلك الوقت بإقناع قضاة محكمة العدل الدولية، ببناء جدار الفصل العنصري، حيث لم ترتكز على أي أسس قانونية لذلك.

 

وفي أيلول 2007 حكمت المحكمة العليا الصهيونية  بوجوب تعديل مسار جدار الفصل العنصري حول قرية بلعين غرب رام الله كونه 'يلحق أضرارا بالغة' بسكانها، وهو الأمر الذي يتيح للأهالي استعادة 1200 دونم مصادرة من أصل 2300 دونما.

 

ويقول خبراء ومحللون أن جدار الفصل العنصري صادر ودمر أراض زراعية واسعة للمواطنين الفلسطينيين، معتبرين الأمر بمثابة 'عقابا جماعيا محرما' حسب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي وقعت عليها إسرائيل، كذلك فإن المادة 52 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 اعتبرت أن ضم الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال يعد محرما ومخالفا للأعراف والمواثيق الدولية.

 

وفي السنة الثامنة لفتوى لاهاي التي لم تستطع منع إسرائيل من إيقاف مواصلة العمل في بناء الجدار، يطالب الفلسطينيون الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان إلى ضرورة التحرك لإلزام إسرائيل بالامتثال للقرارات الدولية والانصياع للجنة تقصي الحقائق الدولية فيما يتعلق بالاستيطان، كذلك اتخاذ خطوات فعالة لمعاقبة إسرائيل على جرائمها في الأرض الفلسطينية.


إستطلاع رأي :

هل ماتت المصالحة أم مازالت حية ؟

تاريخ انتهاء الاستفتاء : 31/12/2018