الرئيس في غزة ،،، بقلم تامر الشريف

آخر تحديث:  19 مارس, 2011 10:52 م  قسم أقلام حرة

الرئيس في غزة ،،، بقلم  تامر الشريف

قوبلت استجابة الرئيس محمود عباس لمبادرة رئيس الوزراء إسماعيل هنية لإنهاء الانقسام بردود فعل ايجابية من كافة الأطراف المتلهفة لطي صفحة الماضي والتأسيس لمرحلة جديدة من التوافق، إلا أن البعض رأى في موقف عباس الجديد التفافاً على مطالب الشعب بإنهاء حقيقي للانقسام واختزالها في تشكيل حكومة شخصيات مستقلة.

لقد رأى الرئيس مبادرة هنية من زاوية ضيقة وأراد استثمار المشهد الفلسطيني الراهن والخروج من أزمته التي يعيشها بالالتفاف على مطالب الشارع بالدعوة لتشكيل حكومة جديدة رغم أن الجماهير لم تطالب بتشكيل حكومة جديدة أو تعديل القائم منها.

إن مبادرة هنية وتحرك الشارع والمناداة بإنهاء الانقسام لا تعني تشكيل حكومة جديدة، إنها تعني خطوات جدية وعملية لإنهاء كل عوامل الانقسام والاستجابة لمطالب الشارع بوقف التنسيق الأمني وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإعادة المفصولين من عملهم وإطلاق الحريات العامة وافتتاح المؤسسات الخيرية المغلقة والكثير من الإجراءات التي تثبت أن هناك نية حقيقية في إنهاء الانقسام وليس إلهاء الانقسام .

الرغبة بإنهاء الانقسام تكون بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد بعد سنوات من التعطيل، وبإقالة حكومة فياض والمتسببين بالفوضى الأمنية في مدن الضفة، ومحاكمة كل المتورطين بتعذيب وقتل المواطنين وملاحقة المدنيين وترويع الآمنين، فالشعب يريد خطوات عملية تقنعه بالجدية في إنهاء الانقسام وليس إعادة تدويره.

تبدو الخطوة التي اتخذها عباس بالعودة إلى غزة مناورة يريد أن يكسب منها العديد من النقاط بعد الحالة الصعبة التي وصل إليها مع فريقه المفاوض يقف على رأسها تعثر المفاوضات وتصلب الموقف الصهيوني الرافض لوقف الاستيطان وان كان مؤقتاً، ووضوح مبادرة نتنياهو للتسوية والتي مهد لها برفض حكومته الانسحاب من غور الأردن واعتباره الحدود الآمنة لكيانه، واستمرار تهويد القدس وإطلاق العنان للمستوطنين في مدن الضفة.

كذلك فإن تراجع الموقف الأمريكي وضعف أوباما وعدم قدرته على إجبار الكيان على تنفيذ رؤيته واستخدام الفيتو والتراجع عن تصريحات تدعم الفلسطينيين جعل الرئيس يفكر بالعودة إلى غزة ليلوح بأنه يمكن أن يقف مع حماس في خندق واحد.

كما أن فشل كل محاولات النيل من حماس وإسقاط حكومتها بالحرب والحصار والفوضى وأخيرا استثمار شعار إنهاء الانقسام لإعادة الفلتان أقنع عباس أنه لا حل إلا بالحديث المباشر معها والعودة لغزة التي رفض أن يدخلها لسنوات بدعوى وجود مخطط لاغتياله!!

وقد تكون الفضائح التي كشفتها الجزيرة عاملاً مهماً في التقاط مبادرة هنية بهذه السرعة حتى يستعيد عباس رصيده بين أبناء شعبه، ويُرجِع ثقة أبناء فتح به، ويخرج من الحرج أمام القيادات والشعوب العربية، فالكل يضغط لاستعادة الوحدة والتفرغ للملفات الأكثر أهمية.

وفي سقوط نظام مبارك وإخلاء الساحة للثوار والقيادة الجديدة وفقدان عباس لحليف استراتيجي أَثَرٌ في الاستجابة للعودة لغزة، فقد شعر عباس أن عوامل القوة تزداد لحماس وكل التفاعلات من حولها تصب لصالحها وأن إصرارها السابق على عدم التوقيع على الورقة المصرية دون تعديلها قد تعزز بسقوط مبارك.

هذه الأسباب مجتمعه تلقي بظلال من الشك على نية عباس القدوم إلى غزة، وبالتأكيد وكما في المرة الماضية ستحاول الأجهزة الأمنية وبعض قيادات فتح الرافضة للحوار مع حماس إجهاض هذا العمل بتكثيف الاعتقالات السياسية ورفض الإفراج عن المعتقلين السياسيين لإحراج الرئيس وتفريغ مبادرته من مضمونها.

وأياً كانت الأسباب والدوافع ينبغي على الكل الفلسطيني التقاط هذه المواقف بإيجابية والوقوف خلف مطالب الشعب والشباب المنادي بإنهاء الانقسام وتهيئة الأجواء والظروف ، ولكن!! من الضروري التحضير الجيد لهذه الزيارة وعدم اقتصار أجندتها على بحث تشكيل حكومة جديدة فقط، وعلى الحكومة الفلسطينية الانتباه من استغلال بعض الأطراف لهذه الزيارة لاستعادة الفوضى تحت اسم استقبال الرئيس وحرفها عن عنوانها، وعلى عباس أن يقدم ما يقنع المواطن بجديته ورغبته الحقيقية لاستعادة الوحدة ويتخذ من الإجراءات ما يجعل قدومه إلى غزة بداية مرحلة فلسطينية جديدة يصطف فيها الفلسطينيون بكافة أحزابهم لمواجهة المشروع الصهيوني، وعليه أن يبدي شجاعة أمام ضغوط متوقعة سيواجهها من دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية وفريق فتح الرافض للحوار مع حماس فالاختبار سيكون صعبا، والعودة إلى غزة والجلوس مع حماس لن تكون سوى خطوة في مشوار طويل ينهي الانقسام.

إستطلاع رأي :

هل ماتت المصالحة أم مازالت حية ؟

تاريخ انتهاء الاستفتاء : 31/12/2018